انتهى زمن الإمبراطوريات الاستعمارية التوسعية، لكن ليس عند روسيا التي تريد احتلال أوكرانيا ثم بعدها بولندا ومولدوفيا وتتوسع عسكريا في أفريقيا من ليبيا والسودان إلى أفريقيا الوسطى نحو مالي والنيجر وفي الشرق الأوسط بسوريا.
التاريخ يقول أن روسيا كانت في البداية مجرد دولة صغيرة، ثم توسعت بشكل كبير تحت حكم القياصرة، وقد أضافت إلى أراضيها مناطق واسعة في سيبيريا والشمال والجنوب، وأقامت حكماً على المناطق الغربية بما في ذلك بولندا وفنلندا والبلطيق، وبعد الثورة البلشفية في عام 1917، أصبحت روسيا الاتحاد السوفيتي، وكانت إحدى أكبر الدول في العالم.
تاريخ روسيا يشمل فترات مختلفة من التوسع الإمبريالي والإحتلال الروسي، وتعود بعض هذه الفترات إلى العصور الوسطى، حيث تم توسيع نفوذ روسيا عبر المناطق الجنوبية والشرقية.
وفي القرن السابع عشر، قام القياصرة الروس بتوسيع نفوذهم عبر مناطق سيبيريا وآسيا الوسطى، وفي القرن الثامن عشر، توسعت روسيا عبر منطقة البحر الأسود ومنطقة القوقاز.
وفي القرن العشرين، قامت روسيا السوفيتية بتوسيع نفوذها عبر المنطقة الأوروبية والآسيوية، وأقامت دولاً شيوعية في بلدان أخرى مثل كوريا الشمالية وحاولت احتلال أفغانستان.
وفي الفترة الحديثة، استمر التوسع الإمبريالي لروسيا على نحو محدود، وتم التركيز بشكل أساسي على الحفاظ على النفوذ والتأثير في المنطقة العريضة التي تحتلها روسياـ وقد أثارت سياسات التوسع الإمبريالي لروسيا في بعض الأحيان انتقادات وانتفاضات من الشعوب التي تأثرت بسياساتها، وخاصة فيما يتعلق بالامتداد الإقليمي والاحتلال.
إقرأ أيضا:هل ستاربكس تدعم إسرائيل؟ لماذا انسحبت منها؟ومن المهم التأكيد على أن التوسع الإمبريالي لروسيا ليس فقط مسألة تاريخية، وإنما لا يزال يثير الجدل في الوقت الحاضر، خاصة فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية والصراع في سوريا الذي تشارك فيه وأطماعها في ليبيا.
في هذا الإطار يقول سيرغي نيكولسكي، الفيلسوف الروسي، إن أهم فكر للروس “منذ سقوط بيزنطيا حتى اليوم هو فكرة الإمبراطورية وأن تكون البلاد أمة امبريالية، لطالما علمنا أننا نعيش في بلد يتشكل تاريخه من سلسلة متواصلة من التوسع والغزوات والدفاع والضم والخسارات المؤقتة والفتوحات الجديدة، كانت فكرة الإمبراطورية من أثمن الأفكار في أيديولوجيتنا، وهذا ما أعلنّاه للدول الأخرى. من خلالها نفاجئ أو نفرح أو نرعب بقية العالم”.
سيرغي نيكولسكي (1872-1938) كان فيلسوفاً ومفكراً روسياً، وهو واحد من الشخصيات الفكرية البارزة في التاريخ الثقافي الروسي، لطالما دافع عن بلاده وحاول توضيح العقلية الروسية.
تضم الاتحاد الروسي مجموعة متنوعة من الشعوب التي تنتمي إلى العديد من الجماعات اللغوية والثقافية، وتشمل بعض هذه الشعوب:
التتار: يشكل التتار ثاني أكبر مجموعة عرقية في الاتحاد الروسي، ويبلغ عدد سكانهم حوالي 5.5 مليون نسمة، ويعيشون في العديد من المناطق في روسيا، مثل تتارستان وبشكيرستان.
البشكير: يعيش البشكير في جمهورية بشكيريا الواقعة في الجزء الجنوبي الشرقي من روسيا، ويبلغ عدد سكانهم حوالي 1.2 مليون نسمة.
إقرأ أيضا:توقعات 2024 حسب تقويم أولد مور القديمالشيشان: يوجد الشيشان في جمهورية الشيشان في جنوب روسيا، ويشكلون حوالي 1.4 مليون نسمة.
الداغستانيون: يعيش الداغستانيون في جمهورية داغستان الواقعة في جنوب روسيا، ويشكلون حوالي 2.9 مليون نسمة.
الأوكرانيون: يعيش الأوكرانيون في العديد من المناطق في روسيا، ويبلغ عدد سكانهم حوالي 1.9 مليون نسمة.
البيلاروسيون: يعيش البيلاروسيون في المناطق الحدودية بين روسيا وبيلاروسيا، ويبلغ عدد سكانهم حوالي 660 ألف نسمة.
إلى جانب هذه الشعوب، توجد أيضاً مجموعة من الشعوب الأخرى في روسيا، مثل الجماعات اللغوية الصغيرة والأقليات الدينية، مثل اليهود والبوذيين والمسلمين والكاثوليك والبروتستانت، وقد تعرض هؤلاء للكثير من المضايقات والتمييز خصوصا في عهد الإتحاد السوفياتي الذي تبنى ايديولوجية الإلحاد واقصاء الديانات.
لقد كان لدى الإمبراطورية الروسية أطماع في الصين واليابان خلال العصر الإمبراطوري الروسي في القرنين التاسع عشر والعشرين.
فيما يتعلق بالصين، فقد كانت روسيا تبحث عن مصادر جديدة للتجارة والتوسع الاستعماري في آسيا، وكانت ترى الصين كمصدر مهم للسلع والموارد الطبيعية، وبالتالي فقد قامت روسيا بتوسيع نفوذها في مناطق مثل منغوليا ومانشوريا، وكذلك في بعض الموانئ الصينية، مثل بورت آرثر.
أما بالنسبة لليابان، فقد كانت روسيا تسعى إلى التوسع في شرق آسيا والحصول على قواعد جديدة للتجارة والنفوذ السياسي. وقد تسبب هذا في صراعات بين روسيا واليابان في القرن العشرين، بما في ذلك حرب روسيا اليابانية في عام 1904-1905.
إقرأ أيضا:دان بلزريان: مليونير بلاي بوي والبوكر الذي شتم إسرائيلومع ذلك، تواجه روسيا في الوقت الحالي تحديات ومشاكل أخرى في العلاقات مع الصين واليابان، حيث ترفض موسكو أن تكون تابعة لبكين، ومن جهة أخرى لديها خلافات حدودية مع هذا البلد، إضافة إلى خلافات مع اليابان جحول العديد من الجزر.
حتى أمريكا الشمالية لم تسلم من الأطماع الروسية، خصوصا خلال فترة الاستعمار الأوروبي للمنطقة في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وكان الهدف الرئيسي لهذه الأطماع هو توسيع النفوذ الروسي في المحيط الهادئ وإنشاء قواعد للتجارة والصيد.
وفي عام 1741، قاد البحار الروسي فتيليس مولين البعثة الروسية الأولى إلى ألاسكا والمناطق المجاورة، وقد قام الروس بإنشاء مستوطنات في المنطقة وازدهروا في التجارة مع السكان الأصليين والصيد والتنقيب عن الذهب.
وفي عام 1867، بعد انتهاء الحرب الأهلية الأمريكية، باعت روسيا ألاسكا للولايات المتحدة مقابل 7.2 مليون دولار، وتم تأسيس مستعمرة جديدة في المنطقة تحت اسم “ألاسكا الروسية”، والتي أصبحت فيما بعد حكماً للولايات المتحدة.
وهذا البيع يعتبر نقطة تحول مهمة في تاريخ الاستعمار الروسي في أمريكا الشمالية، وأدى إلى انحسار الأطماع الروسية في المنطقة لكنها عادت للتجدد في عهد الرئيس فلاديمير بوتين الذي يحاول احياء الحركة الإستعمارية الروسية (1300–1945) التي احتلت فيها روسيا الكثير من الدول والشعوب والتي لا تزال الكثير منها تشكل الإتحاد الروسي.
وتتزايد المخاوف لدى المراقبين من النوايا الروسية، خصوصا وأنها تتواجد عسكريا من خلال مرتزقة فاغنر في عدد من الدول المضطربة مثل ليبيا والسودان وأفريقيا الوسطة ومالي وهناك توجه أيضا إلى النيجر والمزيد من الدول في غرب أفريقيا، وتتواجد تلك المجموعات من أجل السيطرة على الثروات وارسالها إلى روسيا مثل الذهب واليورانيوم والألماس.
تعرف روسيا أن القانون الدولي ليس في صفها، لهذا تخترع مبررات وأهواء مثل تلك التي روجتها لها من أجل غزو أوكرانيا، فيما أنشأت شركة فاغنر كي يكون لها تواجد عسكري في دول عديدة لكن ليس بصفة رسمية فهي تعرف أن الجيوش النظامية غير مرحب بها وأي دولة سيغزوها أي جيش سيتعرض فيها للخسائر بسبب المقاومة من شعبها.
إقرأ أيضا:
ارتفاع أسعار القمح 8.5%: روسيا تضرب الأمن الغذائي العالمي
عواقب انسحاب روسيا من اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية
حقائق حول ممر سوالكي بين بولندا وليتوانيا وتهديدات روسيا
من انقلاب فاغنر إلى انقلاب تركيا على روسيا بوتين المتهالكة
موقف روسيا بوتين والصين من غزو العراق 2003
هل روسيا ظالمة أم مظلومة؟ هذا رأي صديق بوتين