علوم

هل كان تمرد فاغنر على بوتين مجرد مسرحية روسية؟

منذ اللحظة الأولى لبداية تمرد فاغنر ضد الحكومة الروسية، والجدال الإعلامي الذي رافق رحلة القوات القادمة من أوكرانيا إلى مشارف موسكو، كان هناك حديث من المعلقين ومن ثم المحللين العرب حول مسرحية جديدة كتبتها المخابرات الروسية.

وتقول هذه النظرية التي يركز عليها المحللين المعروف عنهم دفاعهم عن المعسكر الروسي، أن ما حدث كان فعلا تمرد فاغنر لكن في مسرحية وهذا ليعرف الرئيس “الداهية” بوتين، الخونة الموجودون بالداخل وأيضا الخصوم الخارجيين وتعليقاتهم وحتى دفع أوكرانيا إلى التقدم للقضاء على عليه.

ثم انتهت المسرحية حسب زعمهم مع اعلان قائد فاغنر توصله إلى اتفاق مع موسكو، وهو الاتفاق الذي اعترفت به الحكومة الرسمية، ويتضح أنه من بنوده اسقاط وزير الدفاع الروسي.

يستدل هؤلاء بعدد من العلامات على صحة نظريتهم، منها أن الجيش الروسي كان متساهلا في غالب الأحيان مع قوات فاغنر، وفي النهاية تول الطرفين علنا إلى اتفاق قبل وصول قوات فاغنر إلى العاصمة.

وبينما يمكن القول أن هذه النظرية ممكنة إلا أن تداعيات ما حدث اليوم في روسيا سيء للغاية بالنسبة لموسكو ولوضعها أمام المجتمع الدولي والأهم المعنويات الداخلية.

نسبة مهمة من الروس هم ضد الحرب الروسية الأوكرانية وهذا التمرد هي رسالة لهم على أنهم في الجهة الصحيحة، توسط موسكو في أوكرانيا عي حرب عبثية وخاسرة وهي النظرية التي عمل الإعلام الروسي جاهدا لنفيها منذ بداية الحرب.

إقرأ أيضا:كيف يفسر تناسخ الأرواح معضلة الشر والمعاناة في الحياة؟

في الداخل الروسي يتم الترويج للحرب على أنها عملية خاصة وأن الجيش الروسي لا يشارك بكل قوته، والبلاد تقريبا ليست في حال حرب، لكن وصول الآليات العسكرية اليوم إلى عدد من المدن الروسية وعلى رأسها موسكو التي شهدت انتشارا لوحدات الجيش الروسي يحمل رسالة سلبية للشعب الروسي.

ولا يمكن القيام بمسرحية يخاطر فيها الرئيس الروسي بالمساحات التي استولى عليها في أوكرانيا بصعوبة، التقدم مكلف للغاية، وأي تراجع يعزز من معنويات الجيش الأوكراني ويهدد الجنود الروس على الجبهة الأوكرانية.

هذه روسيا التي تدعي أنها قوة عظمى، والقوى العظمى عادة لا تشهد انقلابات وحراكا عسكريا، ربما تشهد المظاهرات والإحتجاجات وهذا طبيعي، لكن عندما تتحرك وحدات الجيش وتنتشر لصد وحدات عسكرية أخرى بداخل نفس الدولة فهذا يعني أننا هنا في جمهورية الموز.

ظهرت اليوم روسيا وكأنها السودان التي تشهد حربا عسكرية حول السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ولهذا السبب هناك من شبه ما حدث في روسيا بما يحدث في البلد العربي.

ومن المتوقع أن تتضح الأمور أكثر خلال الساعات القادمة، وحاليا ما نعرفه هو أن بريغوجين سيذهب إلى بيلاروسيا، كما أن عدد من قواته سيتواجدون في الحدود مع بولندا، بينما الجزء الذي لم يشارك في هذه العمليات سيكون عليهم الإنضمام إلى الجيش الروسي.

إقرأ أيضا:كيف يحارب المغرب والإمارات الجفاف في غرب أفريقيا؟

وحتى الآن تقول المعطيات أن اقوى سلاح على أرض الواقع لروسيا وهم مرتزقة فاغنر قد خسرتها، وقد تتغير استراتيجيتها العسكرية خلال الأيام القادمة إذ سيكون الجيش الروسي هو المتزعم لهذه العمليات.

هذه التداعيات لم يكن ليرغب بوتين حقيقة في حصولها، خصوصا وأنها تؤثر سلبا على الوضع الروسي العسكري في أوكرانيا كما أساءت إلى صورته وقوته في الداخل الروسي وهذا الجانب مهم للغاية.

اسقاط وزير الدفاع الروسي يعني أن مجموعة من المرتزقة تمكنوا من فرض مطالبهم على الحكومة، هذه لوحدها رسالة سلبية ليس للشعب بل أيضا المسؤولين وهي إيجابية للجماعات الإنفصالية الموجودة في روسيا.

ويجب أيضا أن نشير إلى ان من يتبنى هذه النظرية غالبا يشككون في السياسة والأحداث العالمية، وقبل أيام نفس الجهات ادعت أن روسيا هي التي أطلقت طائرات بدون طيار وقصف بها موسكو، مرة على الكرملين والمرة الثانية هجوما أوسع على العاصمة الروسية.

وفي الواقع هذه الطائرات بدون طيار لم تعلن أي دولة او جماعة مسؤوليتها عنها، وهناك تقارير استخباراتية تؤكد أنها من جماعات انفصالية ومعارضة موجودة بداخل روسيا وتلك الطائرات انطلقت من مواقع قريبة من العاصمة الروسية.

لقد تزعزعت صورة روسيا ليس فقط خارجيا اليوم بل أيضا داخليا، واعترف الرئيس بوتين في خطاب له مدته 5 دقائق، أن تمرد فاغنر هو غدر وطعنة مماثلة لما تعرضت له روسيا من قبل عندما تمت الإطاحة بالجيش الروسي عام 1917 على اثر خسائره في الحرب العالمية الأولى والغضب الداخلي.

إقرأ أيضا:هل العلمانية ضد الدين ولماذا يربطها البعض مع الإلحاد؟

كما تعرضت روسيا لاضطرابات في أواخر أيام الإتحاد السوفياتي، ومرة أخرى على إثر هزيمة خارجية وهي حرب أفغانستان وتدهور الاقتصاد الروسي والوضع داخليا.

إن تمرد فاغنر هو محاول انقلاب حقيقية، ولكن لا يزال أصغر من محاولة انقلاب أغسطس 1991 الذي سبق سقوط الإتحاد السوفياتي وأقل أيضا من اضطرابات 1917 لكنه ذات مغزى سيء للنظام الروسي وقيادته الحالية.

إقرأ أيضا:

روسيا ليست قوة عظمى بل جمهورية الموز

نهاية تمرد فاغنر: انتصر بريغوجين على جيش بوتين

انقلاب بلغاريا على روسيا لصالح الناتو بعد تمرد فاغنر

مخاوف بوتين من تكرار الحرب الأهلية 1917 بسبب تمرد فاغنر

رسميا انقلاب فاغنر على روسيا الأخطر منذ انقلاب أغسطس 1991

ليلة انقلاب فاغنر على روسيا وانقلاب عسكري وشيك

هل يقود بوتين جيشه إلى حرب روسيا وفنلندا كما فعل ستالين؟

انضمام فنلندا إلى الناتو رسميا مكسب للغرب بفضل روسيا

لهذه الأسباب السعودية تدعم أوكرانيا وتصفع روسيا

السابق
كم يربح كبار الناشرين من فيس بوك يوتيوب سناب شات وأيضا تويتر؟
التالي
نتنياهو طلب من الشاباك تقييما يجنبه الإدلاء بشهادته في محاكمته