لدى الأحزاب الإسلامية وعلى رأسها العدالة والتنمية المغربي سلعتين للمتاجرة بهما، الدين وقضية فلسطين، بينما اليسار المغربي يتاجر بمعارضته للتطبيع والخصخصة، وكلاهما بلاء على المغرب.
شكل بيان الديوان الملكي الذي وبخ العدالة والتنمية والمتاجرون بالقضية الفلسطينية صدمة ليس فقط لجماعة الإخوان المسلمين بل أيضا لكل من يتاجر بقضية مستهلكة ويعارض السياسات الخارجية للمملكة التي تعد سياسات محددة من القصر الملكي وغير خاضعة لأهواء الحكومة.
رغم أن توقيع اتفاقية تطبيع المغرب مع إسرائيل حصل في عهد حكومة العدالة والتنمية، إلا أن الحزب الإخواني الإسلامي، عاد مجددا ليرفض التطبيع ويتاجر بالقضية الفلسطينية في محاولة بائسة لاستعادة شعبته، بينما يتمسك اليساريين بالموقف نفسه، وكلاهما يريدان تراجع المملكة عن الاتفاق مع إسرائيل.
حاول الحزب الإسلامي في البداية التعامل مع التطبيع بنوع من البراغماتية، لكن عندما خسر الانتخابات وانتهى عهده بنتائج هزيلة، حاول إلصاق التهمة لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني وأنه أقدم على التطبيع دون علم بقية مكونات الحزب.
مع عودة الأمين العام للحزب عبد الإله ابن كيران إلى قيادة الحزب حاول استخدام الشعبوية مجددا وهو أسلوبه المعروف الذي كان فعالا في زمن ما يسمى الربيع العربي، حينها عادت بقوة الشعارات الإسلامية واليسارية قبل أن تفشل الأحزاب الإسلامية وتكشف أخرى عن سهولة تورطها في العنف ضد الدولة لتخسر مصداقيتها وشعبيتها ويتم قمعها خصوصا في مصر وسوريا.
إقرأ أيضا:مستقبل إسرائيل: إما تل أبيب الديمقراطية أو القدس الإستبداديةيأمل حزب العدالة والتنمية المغربي أن يعود إلى الحكم في الانتخابات القادمة أو أن يكون جزءا من أي حكومة، فقد أصبح وجوده في الحكومة أمرا مصيريا لهم وإلا فإن هذا الحزب سيحصل له ما حصل من قبل للحزب الإشتراكي اليساري الذي أحرق ورقته وأصبح مكروها.
ينبغي التذكير أن برامج الخصخصة الكبرى ورفع الدعم بدأت في عهد عبد الإله ابن كيران، وقد حققت حكومته تقدما مهما في هذه الملفات، لكن في ظل الأزمة الاقتصادية وتقدم الحكومة الحالية في الملفات الاجتماعية، ينتقد الحزب سياسات حكومته السابقة.
حتى في حال عودة العدالة والتنمية إلى الحكم ستستمر برامج السياسة الاقتصادية كما هي، سيكون على المملكة تعويم الدرهم المغربي وإزالة الدعم لزيادة الاحتياطي النقدي وانفاق الأموال في البرامج الاجتماعية الموجهة للشرائح المحتاجة فقط، على أمل أن تزداد الصادرات المغربية وتزدهر صناعته أكثر وقطاع الخدمات ويتحول إلى واحدة من الدول ذات الإقتصاد الحر بشكل حقيقي.
من المؤكد أن حظر المتاجرة بالدين وفلسطين في السياسة الداخلية المغربية سيكون له أثر سلبي على هذه الأحزاب التي تحاول اللعب على الشعارات السياسية التي لا تزال تستهوي فئة كبيرة من الشعب والذين لا يفهمون أن العالم مبني على المصالح وأن الحكومات تبحث في النهاية عن مصالح بلدانها.
أكد البيان الملكي أن السياسة الخارجية للمغرب هي من اختصاص الملك وهو ما يؤكده بالفعل الدستور المغربي، حيث يتم تعيين وزراء الخارجية عادة من العاهل المغربي وينفذون الأجندة والمهام الموكلة إليهم ولا سلطة للحكومة عليهم.
إقرأ أيضا:أسباب أزمة العطش وندرة المياه التي تجتاح دول العالموفي المغرب الذي يتبع نظاما ملكيا فإن هذه السياسة هي المتبعة دائما، الخارجية والجيش من اختصاص الملك والقصر الملكي وليس للحكومة فيه أي نفوذ.
تبقى مهام الأحزاب السياسية المغربية سواء في الحكومة أو المعارضة هي معالجة المشاكل الاجتماعية ومكافحة الفساد الداخلي من بداية من مؤسساتها على تدبيرها للشأن العام في البلديات والأقاليم نحو البرلمان، وللأسف فإن الكثير منها فاشلة وتتربح ماليا من تواجدها في البرلمان وحصولها على ميزانيات للإنتخابات وأيضا من الفساد في البلديات والمجالس الإقليمية.
أما مسألة التطبيع مع إسرائيل فهو اختيار الدولة المغربية بناء على مصالحها وبذلها للجهود من أجل حل مشكلة الصحراء المغربية التي يود الملك حلها وحسمها في العقد الحالي.
إقرأ أيضا:كيف تسيطر الصين على حكومات وبرلمانات أفريقيا؟ويعد المغرب جزءا من تحالف عربي ودولي يدفع باتجاه الحل الحقيقي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وانهاء الصراعات والمشاكل ودفع المنطقة إلى التنمية الاقتصادية الشاملة بما يخدم مصالحا الدول واستقرارها وشعوبها ويبعدها عن الفوضى التي غرقت فيها المنطقة خلال ما سمي بالربيع العربي.
إقرأ أيضا:
التطبيع خيانة شعار فارغ في زمن التسوية الشاملة
زيارة محمد بن زايد لتركيا على خريطة الإقتصاد والتسوية الشاملة
نهاية حروب الشرق الأوسط وحصار غزة
نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا جزء من التسوية الشاملة
مفتاح نهاية انهيار اقتصاد لبنان وبدء اعمار سوريا
مشروع الديانة الإبراهيمية ونهاية الصراعات الدينية الدموية