كل التحية و الدعم للإعلامي الكبير الأستاذ / محمود سعد بشأن تصريحاته عن والده الجاحد العاق الذي لا يستحق شرف أبوته.
و كل التحية لكل من قابل جفاء والديه -أحدهما أو كلاهما- و قسوتهم وأنانيتهم و ظلمهم و نكرانهم و تملصهم من مسؤولياته و مصروفاته بالمعاملة بالمثل دون اكتراثٍ لشعارات المجتمع البلهاء الجوفاء ..
ليس للوالدين أي فضل في مجرد الإنجاب.. الإنجاب جريمة إن لم يتحمل طرفاها مسؤولية الأرواح التي ستولد لتعاني قسوة هذا العالم البشع..
كل من أنجبوا ثم تخلوا يجب أن يُحاكموا و يُسجنوا بتهمة خلق روحٍ لتتعذّب وتتألم وتُعاني ..
الجميع يتحدّث عن عقوق الأبناء وجحودهم ونكرانهم كما علّمهم أجدادهم.. لا أحد يتحدّث عن جحود الآباء و قسوة الأمهات وخلق أجيالٍ من المعذّبين دون إحساسٍ بالمسؤولية ..
اسألوا الأطباء النفسيين وعلماء الاجتماع والسلوك عن التاريخ المرضي ل٩٩٪ من مرضاهم.. ستجدون أن الغالبية الساحقة – إن لم يكن الجميع – كانت بداية إخفاقاتهم النفسية وعقدهم الحياتية وسلوكياتهم العدائية بسبب تعرضهم للتعنيف والقهر والإهانة والتنمر والسخرية والإذلال والحط من القدر و الذعر من أحد أبويهم أو كلاهما ..
اجلسوا مع الفتيات المنهارات نفسياً ذوات الاستحقاق الضئيل شبه المنعدم .. اللواتي يتعرضن للاستغلال والنصب والسرقة من أنطاع الرجال.. ستجدونهن يبحثن في أي رجل عمّا افتقدنه بين أبويهم من احتواء ورعاية وحنان واهتمام.. ستجدونهن لم يسمعن في حياتهن كلمة إطراء أو إعجاب أو ثناء من والديهم فاستسلموا لأول كلمة إعجابٍ سمعوها و باعوا الغالي بالرخيص ..
إقرأ أيضا:هل قطر مطبعة مع إسرائيل؟ أسرار العلاقات الإسرائيلية القطريةانظروا إلى حثالة المتنمرين و ابحثوا في دوافعهم النفسية .. ستجدونهم يعانون أساساً من التنمر الغليظ المتكرر من والديهم .. حتى باتوا يقلدونهم و ينتقمون منهم فيمن يتنمرون عليهم ..
الآباء و الأمهات ليسوا مقدسين .. ليسوا منزهين .. ليسوا ملائكة .. إلا من قام منهم بأدواره على أكمل وجه .. من ربّى و راعى و أنفق و حمى و دعم و ساند و احتوى و احتمل و عالج و تقبّل و بقى ..
الإنجاب في حد ذاته ليس ببطولة.. بل إنه جريمة يتركها المجتمع والقانون بلا عقاب ولا رادع.. يتركها لعبةً بين يدي المرضى والمستغلين والأنانيين والغير مؤهلين مادياً و لا نفسياً .. يتركهم ينجبون أطفالاً لهذا العالم القاسي بلا ضمانات و لا شروط و لا تعهد بالرعاية .. أي عبثٍ أكبر من ذلك !!!!
و بعدما يشب الشاب أو الفتاة و يكبرون في عوز و فقر و عناء و فقد و حرمان .. و ينسون حقوقهم في أن يكون لهم من يرعاهم و يدعمهم على الدوام .. و يعتمدون على أنفسهم و يثبتون أنفسهم و كأنهم أيتام رغم أن من أنجبوهم على قيد الحياة .. يتهمهم المجتمع الملعون بالجحود و النكران لمن أنكروهم أصلاً ..؟!
و تنتظرون من مجتمع المنافقين هذا تطوراً أو تقدماً أو استشفاءً؟ لن يحدث أبداً .. لن يحدث أبداً أبداً ..
إقرأ أيضا:هل تشعل حادثة السعيدية الحرب الجزائرية المغربية؟ليس لأحدٍ فضلٌ على أبنائه فقط لأنه أنجبهم .. الفضل فقط لمن يراعي و يربي و ينفق و يحتوي و يعالج و يدعم و يساند .. حتى و إن كان غريباً .. حتى و إن لم يكن أحد الأبوين أساساً ..
أبناؤكم هم أصحاب الفضل عليكم أنهم تقبّلوكم و لم يطمحوا لعائلاتٍ أفضل .. أنتم من فرضتم عليهم أبوتكم و أمومتكم قهراً.. أنتم من فرضتم عليهم بيئتكم وأفكاركم ومعتقداتكم وظروفكم ومشاكلكم ..
و رغم ذلك يولدون كالملائكة .. كالصفحة البيضاء تعتمد على ما كتب عليها .. يرونكم أبطالاً خارقين و شخصياتٍ عظيمة.. يحاولون إرضائكم لتحبوهم و تدعموهم و ترضوا عنهم و تثنوا عليهم ..
ولكن غالبيتكم يقابلون برائتهم بالقسوة و التنمر و الانتقاد والمقارنة بالغير.. وتنتظرون منهم بعد كل هذا أن يكونوا أسوياء؟ و أن يعطوكم حباً لم يأخذوه أساساً؟!
الفضل لمن راعى و أنفق .. و نسب الدم لا اعتبار له إلا في الرسميات البغيضة.. التي لو كان الأمر بيدي لألغيتها و تركت لكل انسانٍ الحق في نسب نفسه لمن يستحق نسبه و حبه والرجوع له بالفضل ..
أدعمك بشدة يا أستاذ “محمود” .. شعرت بصدق كل كلمةٍ كتبتها باحساسٍ حقيقي.. لا مفتعل كغالبية المتظاهرين بحبهم لمن آذوهم ..
إقرأ أيضا:خطر الشعبوية اليسارية والإسلام السياسي في حرب غزةدع المنافقين يهللون و يمجدون بالكذب فيمن آذوهم وحطموهم وتركوهم وتنمروا عليهم و أهانوهم بالعوز والفقر والاحتياج ليمشوا في ركاب القطيع .. و افتخر بنفسك أنّك لم تستطع أن تخالف ضميرك لتظفر برضاء العامة .. هكذا عهدناك ..
أتمنى يوماً ما ليس ببعيد .. تتم فيه محاكمة الآباء و الأمهات الظالمين و القاسيين و المتملصين من مسؤولياتهم .. المتسببين في جروح و أمراض و فقر و عوز أبنائهم بلا رحمة .. فمن لم يرحم صغاره لن يجد رحمةً حتى من الرحماء ..
و حتى يأتي هذا اليوم .. لا نامت أعين الجبناء .. من الأمهات أو الآباء .. وما أكثرهم !
بقلم الدكتورة المصرية دينا أنور
إقرأ أيضا:
الإنجاب هو ظلم كبير في عصر التغير المناخي
كيف تحررت المرأة الصينية من الزواج والإنجاب بنجاح؟
إيلون ماسك يدافع عن الإنجاب من أجل استعمار المريخ
هل الإنفجار السكاني في مصر نعمة مثل الصين؟